عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-07, 02:16 AM   #4
فتى الرياض

من كبار الشخصيات
افتراضي

 

(3)
ظل سامي يبكي لأن والده لم يوافق على ذهابه لبيت أبو صابر معهم عندها قالت الجدة : أبو سامي ، يابني إن المرض والشفاء بيد الله وبأمره ، فلا تكن ضعيف إيمان بالقضاء والقدر أو نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ) .
الأب : لكن يا عمتي ، درهم وقاية خير من قنطار علاج .
الجدة : أنت تعلم مقدار حب الصبي لصابر ، فلا تحرمه رؤيته .
الأب : أخاف أن يكون المرض معدي .
الجدة : توكل على الله يا بني ، فسامي لا يريد البقاء لدى الجيران ، وأنت تعلم بمشاجراته الدائمة مع أحمد ابنهم .
الأب : ما هناك خيار آخر .
الجدة : يا بني أين إيمانك وصلواتك ، قل توكلت على الله ، وتذكر قوله تعالى : ( وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) .
الأب : استغفر الله .
الجدة : نعم استغفر ربك ولا تشرك به بداعي الخوف على الصبي من التقاط العدوى .
سامي مازال يبكي بصوت مرتفع عندما قال له أبوه : كف عن البكاء سنأخذك معنا ولكن إياك أن تتشاقى .
سكت سامي من بكائه ومسح دموعه بكم ثوبه وهز رأسه بالإيجاب ، فقالت الأم : أغسل وجهك ، والحق بي أغير لك ملابسك .
قال بصوت متهدج متقطع : حاضر أمي .
وذهب فغسل وجهه وعاد لأمه مسرعا ، فوجدها قد أخرجت ملابس العيد التي تتكون من بذلة عسكري مع خوذة ورشتها بالعطر ، وبعدما بدلت له ثيابه تناولت مشطا فمشطت له شعره ، ثم انهالت عليه بوابل العطر .
سامي : أأرتدي الجزمة الجديدة ؟
الأم : نعم ودعني أساعدك على لبس الجوارب الصوفية ، أحضرها من الصندوق الخشبي .
ذهب إلى ركن الكوخ حيث الصناديق ، ووقف أمام الصندوق الخشبي ، مد يده إليه وفتحه وقلب الملابس التي بداخله على عجل ثم تناول فردة جورب رفعها عاليا وقال : هذا الجورب أمي ؟
الأم : نعم هو ..
فتش عن الفردة الثانية حتى وجدها ثم عاد لوالدته التي كانت تتمتم بكلمات مع نفسها ، قال سامي وهو ممسك بكتف أمه التي تلبسه الجورب : ماذا تقولين ؟
الأم : أرقيك .
سامي : لماذا ؟
الأم : ليحميك الله شر الحاسدين .
سامي : من هم الحاسدين أمي ؟
الأم : أخبرك فيما بعد ، ثم ناولته خدها قائلة : قبلة لأمك الحبيبة .
قبلها على عجل ولحق بوالده وجدته ، فوجد والده قد أكمل هندامه ووقف وجدته ينتظرانه وأمه ، أمسك بخنصر والده ووقف بجانبه حينما قال الأب : بسرعة يا امرأة .
سامي مرددا : بسرعة يا امرأة .
الأب : قل يا ماما .
سامي مع ضحكة يكاد يخفيها : قل يا ماما .
انحنى الأب إليه قائلا : أنت تقلدني هاه .
ضحك ببراءة ثم قال : أنت تقلدني هاه ، ومد بآخرها .
فما كان من الأب إلا أن أمسكه ورفعه عاليا فوق رأسه ثم أخذ يدغدغه بذقنه على بطنه فارتفعت ضحكات الطفل الذي أطلقها كأغنية طفولة ملأت الجو عبير براعم عطره اختلطت بالندى وقت الصباح الباكر .





  رد مع اقتباس