عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-07, 02:15 AM   #3
فتى الرياض

من كبار الشخصيات
افتراضي

 

(2)
كان البرد قارسا وكانت العائلة مجتمعة حول موقد الفحم الذي ناره لم تزل مشتعلة منذ الغروب بينما كان سامي متجمعا حول نفسه وملتفا ببطانية مهترئة يرتعش ، نظرت إليه الجدة مطولا ثم أرادت أن تقول له شيئا لولا أن انتابتها نوبة سعال طويلة وما أن هدأت نوبة السعال حتى قال أبو سامي : لا بد أنك أصبت ببرد ، عمتي أدخلي للكوخ ، أشارت له بيدها الهزيلة أن لا تكترث بي .
أبو سامي : أم سامي ، اصنعي كوب زنجبيل لأمك .
الجدة : أنا بخير ، لا تقلق علي ، لكن ربما أراد سامي كوب الزنجبيل ، أتريد الزنجبيل يا ولد .
هز سامي رأسه وهو مازال على حالته قبل برهة .
الجدة : مالك لا تتكلم يا ولد ؟
سامي بصوت مرتجف : بردان جدتي .
الجدة : أنت صغير وتقول ذلك فماذا تقول عجوز هزيلة مثلي ؟
سامي : تقول بردانة .
ضحكت الجدة واختلطت ضحكاتها بسعالها ثم قالت : تعال أدنو مني يا بني سأدفئك .
دنا سامي من الجدة وأندس في حضنها متكورا على نفسه .
الجدة : هاه كيف تشعر الآن ؟
سامي : الآن أفضل ، جدتي هل كنت تشعرين بالبرد مثلنا وأنت صغيرة ؟
الجدة : نعم كنت أشعر به قارس جدا لأننا يا بني قد لا نجد نارا تدفئنا .
سامي : ولماذا ، أما كان لديكم شجر تقطعون خشبها فتشعلونها فتدفئكم .
الجدة : كانت الأشجار قليلة وحتى هذه القليلة تقطع ويذهب بها الحطابون للسوق ليبيعوها .
سامي : ولماذا لا تشترونها منهم ؟
الجدة : لأننا لم نكن نملك المال ، فقد كنا فقراء جدا .
سامي : لكننا الآن لدينا مال أليس كذلك يا أبي ؟
الأب : نعم لدينا الكثير .
سامي : جدتي لا تخافي بعد الآن من البرد .
الجدة : أخاف وأنت معي وأبوك لديه مال لا لن أخاف بعد الآن .
جاءت أم سامي ومدت كوب الزنجبيل للجدة قائلة : تفضلي يا أمي ، الزنجبيل .
تناولت العجوز الكوب وقالت هو لابني خذه يا سامي .
سامي : هل به حليب ؟
الأم : لا يوجد لدينا حليب .
سامي : لا أريده اشربيه أنت جدتي .
الجدة : سنتقاسمه إذا ، اتفقنا .
سامي : لا أحبه بدون حليب .
الجدة : كفاك دلالا يا ولد ، ولا تغضب جدتك ؟
سامي : لا أريد إغضابك ، أبي قال لي ذات مرة إذا أغضبت جدتك يغضب الله .
الجدة : إذا لن أغضب شرط أن تقاسمني إياه ، اتفقنا ؟
سامي : اتفقنا .
الأم : أبو سامي متى تريدنا أن نذهب لزيارة بيت أبو صابر .
الأب : غدا صباحا ، إن شئت ، كان الله في عونهم .
الأم : الله يصبرها ، ويشفي ولدها صابر .
سامي : ماذا به صابر ؟
الأم : مريض يا بني ، أدع له بالشفاء .
الأب : سمعت أحد الأصدقاء يقول أن هذا المرض ليس له دواء حتى الآن .
الجدة : الله الشافي .
سامي : ما مرضه يا جدتي ؟
الجدة : حماك الله يا بني يقولون هو شلل .
سامي : لم أسمع به من قبل ، أهو مثل الزكام ؟
الجدة : لا يا بني هو مرض ... وسكتت برهة ثم قالت : أرأيت الهر كيف يسير ؟
سامي : نعم على أربع .
الجدة : إن صابر كمثل الهر يسير على أربع .
سامي : لكنه قبل أسبوع كان يمشي مثلنا .
الجدة : الآن لا يستطيع .
سامي : لماذا ؟
الجدة : لأنه مريض بالشلل .
سامي : لو وجدت الشلل سأضربه حتى يترك صابر .
الجدة : قل يحمينا الله يا ولدي ، وادع الله أن يشفي صابر .
سامي : أنا أحب صابر ، وسوف أدعي الله أن يشفيه .
الجدة : أتحبه أكثر منا ؟
سامي : لكن صابر يحبني ، أعطاني ثلاثة من ألعابه أنتم لم تعطوني ولا واحدة لكني أيضا أحبكم .
الأب : بني نحن نحبك لكننا لا نملك مالا للألعاب .
سامي : أما قلت قبل قليل لديك مال كثير ؟
أخفت الأم ابتسامة رضا لرد سامي بينما اكتفت العجوز بالسعال . فقال الأب : نعم لدينا مال يكفي فقط للحطب والطعام والملابس ، أما الألعاب فهي غالية لا نملك لها مالا .
سامي : لا أريد ملابس أريد ألعاب ، عندي ملابس تكفي .
الأب : حسنا حسنا ، سأشتري لك لعبة ، لقد هزمتني .
سامي : جدتي أحكي لي قصة .
الجدة : أنا تعبة ، سأقصها لك غدا .
سامي : جدتي أرجوك .
الجدة : سوف ينتابني السعال ولن أستطيع الحديث كثيرا .
سامي : إذا جاءك السعال سأضربه ليدعك وشأنك .
الجدة : حسنا أيها الشجاع ، ولكن لا تقل أنك خائف إذا حكيت قصة الغول .
سامي : لا أريد قصة الغول ، أحكي لي غيرها ، لا تخوفيني .
الجدة : أتخاف من الغول ونحن معك .
سامي : قال أحمد ابن الجيران أن الغول لا يراه إلا الصغار فقط ، أما الكبار فهم لا يرونه .
الجدة : هذا غير صحيح ، فالغول ليس موجودا أصلا ، فلا يراه الصغير ولا الكبير .
سامي : لكن أحمد رآه .
الجدة : الأبناء العاقلين مثلك لا يرونه ، فقط يراه الأشقياء فهل أنت شقي ؟
سامي : لا أنا عاقل ، لكن أحمد هو مدلل وشقي .
الجدة : لا يا بني لا تحكم على الناس بهذا الشكل ، فتقول كلاما قبيحا ، الأطفال العاقلين لا يشتمون الناس .
سامي : أنا ما شتمته ، أمه قالت عنه مدلل وشقي .
الجدة : فلتقل عن ابنها ما تشاء ، أما نحن فنقول الله يهديه ، وإذا شتمنا شخص ما .. فماذا نقول ؟
سامي : الله يسامحك .
الجدة : أنت الآن ابني العاقل .
سامي : أرجوك جدتي قصي لي حكاية ؟
الجدة بعد أن سعلت قليلا : حاضر حبيبي .
وشرعت تقص له حكاية لم تكن فيها غول حتى نام على حجرها .





  رد مع اقتباس