عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-07, 02:14 AM   #2
فتى الرياض

من كبار الشخصيات
افتراضي

 

أم صابر : كل الأطفال هكذا ، وقد كنا مثلهم نحب اللعب ولكن يجب علينا نحن ذويهم أن نكون أكثر صبرا على هذه الزهور الغضة الطرية . ثم احتضنت سامي قائلة : دموعك غالية علي فلا تبك ؟
فالتصق بها كمن يشكو لها قسوة أمه ، فقالت له : آلمتك آسفة يا حبيبي .
فقال وهو تنتحب : ليس عليك أن تعتذري خالتي ، لكنها هي التي عليها أن تعتذر !
قالت وهي تبعده عن صدرها بكل عطف : ارني ذراعك يا لك من مسكين ، أعتذر نيابة عنها .
فانحنت أم سامي واحتملت ابنها قائلة : أنا آسفة . ثم قبلته على خده .
لكنه بدا أنه غير راض عن أسفها وقبلة اعتذارها وهو يكفكف دموعه بكمه .
فقالت له : قلت لك آسفة أما في قلبك الصغير رحمة فتغفر زلة أمك حبيبتك ؟
قال وقد هدأ بكاءه قليلا : سامحتك ، ولكن لا تكرريها مرة أخرى ؟
قالت : أعدك . وابتسمت له ثم انتزعت منه قبلة قوية . فيما قال صابر لأمه : أتسمحين لي ماما ، أريد إعطاء سامي من ألعابي ؟
قالت وقد أفرحها كرم ابنها : بكل سرور .
فحمل ثلاثة من أنفس ألعابه وأغلاها وقدمها لسامي الذي كان متعلقا برقبة أمه وقال : سامي هذه مني هدية ، وإن شئت غيرها فاختر ما شئت من الألعاب فكلها بين يديك .
أنزلته أمه عن صدرها للأرض فنظر سامي لصابر مستغربا وفرحا في آن واحد وقال : لكن هذه أحدث ألعابك وأنفسها ، لا أستطيع أخذها .
أم صابر : لا يغلى شيء على الغالي ابن الغاليين ، خذها فنبينا عليه الصلاة والسلام قبل الهدية .
نظر سامي إلى أمه وكأنه يأخذ إذنها بقبول الهدية .
فقالت متظاهرة بعدم المبالاة : لا دخل لي .
قال : أخشى أن والدي سيغضب .
قالت : وهذا أيضا ليس من شؤوني .
فقال راجيا : ماما ؟
فقالت : لا دخل لي !
فقال : إذا ستخبرينه أنني لم أطلبها !
فقالت أم صابر : ما هذا يا صابر .. أكيد أنك لم تطلبها بل صابر يهديك إياها كعربون محبة وصداقة أدامها الله عليكما ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( تهادوا تحابوا ) وصابر أحبك كما لو أنك أخاه أليس كذلك يا صابر .
فبدا على صابر الخجل وهو يقول : بلى صحيح .
فقال سامي : وأنا أيضا أحب صابر لكن .
فقالت أم صابر : إذا خذها ولا تحزن من تحب وأحبك بحق .
قال : أقبلها بشرط !
أم سامي : عجيب شحاذ يشترط !
سامي : أسمعت يا خالة تقول أمي عني شحاذ ونحن مازلنا عندكم فكيف لو ذهبنا للبيت ، لا أريدها .
لكن أم صابر رمقت أم سامي بنظرة توبيخ وقالت : أمك لا تقصد يا بني أنك شحاذ ، بل تقصد مطلق المثل ، قل شرطك ولا عليك .
قال : شرطي أن تعدني أمي أن تخبر والدي أنكم أعطيتموني اللعب دون أن أطلبها وتخبره أنني رفضتها مرارا لكنكم أصررتم علي فما استطعت أن أرفض حتى لا تغضبوا مني .
قالت أم صابر موجهة كلامها لأم سامي : عديه بما طلب .
أم سامي : لا دخل لي .
أم صابر : عديه ، وإلا .
أم سامي : وإلا ماذا ؟
أم صابر : لن أدخل بيتك بعدها .
فأذهلت أم سامي لهذا التهديد وقالت : ما كان ينبغي أن تقولي ذلك .
أم صابر : ابنك يريد الألعاب لكنه خائف مما سيواجهه من عواقب ، أي رحمة في قلبك يا أم سامي يهبك الله طفلا بهذا الجمال وخفة الروح فتحرميه من هدية صديق .
أم سامي مستنكرة : لكنني ما منعته من أخذها ، إذا أرادها فليأخذها .
أم صابر: لن يأخذها بدون وعد منك . ثم ابتسمت وقالت لسامي : أليس كذلك ؟
أشار سامي برأسه بالإيجاب ، فأسقط في يد أمه وقالت : يبدو أنك تغلبت علي أيها العنيد ، أعدك .
قال : لا ليس هكذا ، رددي ما أقول .. أعدك أن أخبر والدك أنك لم تطلب الألعاب وأن صابر أعطنيها هدية ، وأصر هو وأمه على أن أخذها . فرددت بعده ما قال ثم قالت : هل اطمأن قلبك الآن أيها العنيد ؟
قال : نعم . ثم تناولها من يد صابر مبتسما وهو يقول : شكرا .
فساعدته أمه بحمل لعبتين فيما احتفظ بالثالثة محتضنها بصدره كمن يخشى أن يأخذها منه أحد وخرجا من غرفة صابر للبهو ومنه للفناء الخارجي الذي توقفوا فيه لتلبس أم سامي عباءتها فقال سامي : خالتي لا تزوريننا بعد اليوم بدون صابر ؟
فانحنت إليه وطبعت قبلة على خده ثم قالت : إن شاء الله .
فوجه كلامه لصابر قائلا : لدينا فناء كبير نستطيع أن نلعب فيه كرة القدم ، يجب أن تأتي لنلعب ولترى الأشجار التي لدينا وخاصة شجرة اللوز الهندي .
فقال صابر : حاضر سآتي إليكم .
سامي : وعد ؟
صابر : وعد .
أم صابر لولدها : قل إن شاء الله ؟
وخرج سامي وأمه من باب الدار فلحق بهما صابر للشارع وظل يلوح لهما مودعا حتى اختفيا عن ناظريه ، ثم دخل للدار فوجد أمه قريبة من الباب فقال : متى نزورهم ، ماما ؟
قالت : قريبا إن شاء الله .





  رد مع اقتباس