عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-11, 08:10 AM   #18
عاشق الهيلا

( متسوق متفاعل )
افتراضي

 

سؤال:
ما هو الحكم في : شراء وبيع الأرقام ( أرقام الهواتف والسيارات ) ، وإذا اشترى أحدهم رقم لوحة سيارة ثم باعه فهل هذا المال حلال ؟.

الجواب:

الحمد لله

ينبغي لكل مسلم أن يعلم : أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير ، وهما مجاوزة الحد في إنفاق الأموال .

قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .

وقال تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) الإسراء/26 ، 27 .
وليعلم كل مسلم أنه لن تزول قدمه إلى جنة ولا إلى نار حتى يسأله الله تعالى عن أشياء ، ومنها : عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه ما فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه ) . رواه الترمذي ( 2417 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 126 ) .
وليُعلم بعد هذا : أن شراء أرقام هواتف الجوالات والسيارات المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في الحرام ، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه المجالات .

وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في حياتهم ومعيشتهم ، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه ، وآخرين لا يجدون لباساً يواري سوآتهم ، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم ، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم .

وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى لوحة سيارة تحمل الرقم ( 1 ) بما يعادل (2.18 مليون دولاراً ) ! وذلك في مزاد علني .

وفي المزاد نفسه بيعت اللوحة التي تحمل رقم 2 بما يعادل ( 1.11 ) مليون دولاراً !

وقال منظمو المزاد : إن حصيلة المزاد في اليوم الأول بلغت نحو ( 3.9 ) ملايين دولاراً !

وهكذا الأمر بالنسبة لأرقام الجوالات والتي بيع رقم منها بما يعادل ( 360 ألف دولاراً ) !

وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير .

والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم ، " ومن أبرز التعليقات التي قيلت حول هذا الموضع ما نشرته إحدى الصحف عن عريس تقدم يطلب يد إحدى الفتيات للزواج ويقول العريس لوالد الفتاة : " ما تحتاج تسأل عني شوف رقم سيارتي تعرفني " .

" ومن الملاحظ أن سعر الرقم المتميز يبلغ ضعف ثمن سيارة " رولزرويس " التي يتراوح سعرها في الإمارات بين مليون ومليون ونصف المليون درهم ، كما أنه ربما يبلغ خمسة أضعاف ثمن سيارة فخمة مثل " المرسيدس " ، أو عشرة أضعاف سعر سيارة شهيرة مثل " اللكزس " التي يفضلها الأثرياء " .

واعلم بعد هذا كم يمكن أن يُشترى من طعام وشراب ولباس بل وسيارات وهواتف لمن يحتاجها ؟ وكم شاب يمكن أن تعفه بالزواج ؟ وكم من سجين يمكن أن تطلِق سراحه بدينٍ سجن به ؟ وكم من تائه عن الصراط ومنحرف يمكن أن ترجعه إلى الصراط المستقيم فيما لو اشتري بها كتب أو وزعت بها أشرطة دينية ؟

الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة والاهتمام بتوافه الأمور ، والرقم المتميز ليس هو تقنية – كما في السيارات نفسها – يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان ، والرقم المتميز ليس هو تمتع بالنظر إليه – كبعض الطيور – بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال .

ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية – مثلاً – أو دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما ذكرناه .

وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس ثوب الشهرة .

" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله – وفي لفظ : " ثوب مذلة " - " زاد بعض الرواة :

" ثم تلهب فيه النار " . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن ماجه ( 3607 ) .

قال ابن القيم :

هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك ، فأذله ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . " زاد المعاد " ( 1 / 145 ، 146 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

وتكره الشهرة من الثياب ، وهو المترفع الخارج عن العادة ، والمتخفض الخارج عن العادة ؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة " ، وخيار الأمور أوساطها . " مجموع الفتاوى " ( 22 / 138 ) .

والخلاصة : أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة ، ولو جاز لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة .
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحافظ عليه ، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه ، وليعلم أنه مسئول عن هذا المال يوم القيامة : من أين اكتسبه وفيم أنفقه .

والله الموفق .


فتوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي

حكم شراء لوحة سيارة او حتى أي شيئ يحتوي على رقم مميز مقابل مبلغ مادي كبير او صغير:

السؤال /
يُريد أن يعرف الحُكم الشرعي والقول الراجح لديكم ، سماحة الشيخ ، في بيع رقم لوحات السيارات ، بحيث يتنازل صاحب هذا الرقم مقابل مبلغ مادي ، يُتفق عليه بينه وبين المشتري ؟

الجواب /
مما يؤسف له أن الناس فقدوا الانضباط في تصريف أموالهم ، وأصبحوا أقرب إلى السَّفه والتبذير .

والمال أمانة في يد الإنسان ، فالله تبارك وتعالى يقول : (( وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورا )) والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن الإنسان مسئول عن ماله ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه ، حتى يُسأل عن خمس ، عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما عَلِم ) .

والقرآن صريح في أن المال الذي بيد الإنسان هو مال الله ، وأن الإنسان إنما هو مُستَخلَفٌ فيه ومُؤتَمَن عليه ، فالله تبارك وتعالى يقول : (( وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ )) ، ويقول : (( وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيه )) ، وَ لَإنْ كان الإنسان مُستَخلَفاً في هذا المال ، فإنّ المُستَخلَف لا يحق له أن يتصرّف أيّ تصرّف إلّا وِفْقَ ما أذِن به مَن استخلَفَه ؛ أي صاحب الحق ،
الخليفة هو وكيل ، والوكيل لايمكن أن يتصرّف إلّا وِفْقَ إذن الأصيل ؛ صاحب الشيء ، والله تبارك وتعالى هو مالك الملك ، و مالك هذا المال ، فلا يُسمَح للإنسان أن يتصرّف فيه وِفق هواه ، فهو مسئول عنه سؤالين ؛ من أين اكتسبه وفيما أنفقه .

ومِمّا يُؤسف له حسب ما نسمع أن كثيراً من الناس يبالغون في اشتراء أرقام السيارات ، حتى يصل الرقم إلى ثمن باهض ، قد يكون ضعف ثمن السيارة أو أضعاف ثمن السيارة ؛ وهذا هو السَّفَه بِعَيْنه .

ما الذي يدعو إلى ذلك ؟! لماذا يحرص أحد على أن تكون الأرقام الآحادية هي التي يقتنيها ؟! هذي من جُملة السَفَه ، وما الفارق بين الرقم الآحادي والأرقام الأخرى المركّبة ؟! ما الفارق بين ذلك ؟! هذي إنما فقط مجرّد بَطَر .
والله تعالى يقول : (( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ )) .

ونجد القرآن الكريم ، يدلنا على أن التَرَف - والعياذ بالله - مهلكة وسببٌ للتَّلَف ، فالتقارب اللفظي ما بين كلمتي الترف والتلف ، يوحي بما بينهما من التآخي المعنوي والترابط السببي ، فإنّ التََّرَف سببٌ للتَّلَف .

والله سبحانه وتعالى بيّن في كتابه الكريم عاقبة الترف ؛ فقد ذكر عذاب الآخرة ، وبيّن أن الذين يُعَذَّبون مترفون ، يقول تعالى في أصحاب الشمال : (( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِين )) .

وذكر عذاب الدنيا أيضاً ، وقرنه بالترف ، قال : (( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ )) ، وقال : (( وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ ، فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ، لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ )) .

وذكر عموم العذاب الذي يصيب الناس ، وبيّن أن منشأه فساد المترَفين ، الله سبحانه وتعالى يقول : (( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرا )) .

وكذلك ذكر الإعتراض على الرُسُل ، وبيّن أن الذين يعترضون الرُسُل ويقفون في سبيلهم ويتحَدَّوْنَهم إنما هم المترفون ، يقول سبحانه وتعالى : (( وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ، وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ )) .

والله سبحانه وتعالى يقول أيضاً في بيان هذا المعنى .. يقول : (( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُون )) ، وقال : (( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُون )) .

فإذن الترف هو سبب هذا البَطَر ، وسبب هذا الإنحراف عن الحق ، ومكابرة الحق .

بل معارضة المصلحين أيضاً تأتي من المترفين ، فإن الله تعالى يقول : (( فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِين )) .

فيجب تفادي مثل هذه التصرفات ؛ هذه هي التي تجر إلى سخط الله سبحانه وتعالى - والعياذ بالله - عندما يَبْطَر الإنسان نِعمة الله سبحانه وتعالى .