عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-07, 02:17 AM   #5
فتى الرياض

من كبار الشخصيات
افتراضي

 

(4)
لم يكن في العادة قد استيقظ الناس من رقادهم عندما وصلت عائلة أبو سامي لدى باب منزل أبو صابر الذي قال الأب حينها : أظن أننا جئنا في وقت مبكر .
سامي : أهم نيام ؟ لماذا لم يفتح أحدهم الباب ؟.
الجدة : لا أظن جدة صابر تنام صباحا .
الأم : لعل الجرس متعطل ؟.
ما أن سمع سامي ملاحظة أمه حتى طرق الباب بيده بقوه عدة طرقات لم يوقفها غير والده الذي أمسك بيده قائلا : يكفي يا بني ، كن عاقلا ؟.
سامي معترضا : لعلهم لا يسمعون ؟
الأب : بني إن للزيارة آدابا علمنا بها الدين .
سامي : ماهي بابا ؟
الأب : كأن تطرق الباب طرقا معتدلا .
سامي : كيف تكون معتدلة ؟
الأب : يعني أن لا تطرق الباب بشدة كمن يريد كسره ، ولا أن تطرق الباب متراخيا لا يسمع أهل الدار ، بل طرقا متوسطا يسمع الصاحي ولا يوقظ النائم .
سامي : وإن كانوا نياما ، أنظل نطرق الباب ليوم كامل ؟
الأب : كلا يا بني ، تطرق ثلاث مرات تنتظر برهة بين كل مرة ، ثم تمسك بعد الثالثة .
سامي : وإن لم يفتح أحد الباب بعد الثالثة إلى متى ننتظر ؟
الأب : إن لم يفتح الباب بعد الثالثة ، فعليك المغادرة .
سامي : لكن هكذا لن نزورهم ، إن كانوا نياما .
أبو سامي : وهذا من الدين والمحافظة لحقوق الغير وحرمات الناس ، فما تفيد أن توقظ النائم الذي لم يأخذ كفايته من النوم فتأتي لزيارته وهو لم يكن مستعدا لها فيتضايق ويكره مجيئك ، بل لابد من تخير وقت مناسب للزيارة .
سامي : إذا هيا بنا نعود .
الأب : لماذا ؟
سامي : الوقت غير مناسب للزيارة .
الأب : كيف عرفت ذلك ؟
سامي : لا أحد يحب الإستيقاظ باكرا بمثل هذا الوقت .
الأب : من لا يحب ذلك هم الكسولون ومضيعي الصلوات ، أبو صابر صلنا معنا الفجر في المسجد وأخبرني أنه لا ينام بعد الفجر ، ورحب بزيارتنا .
سامي : إن كبرت وكان لي بيت ، سأكتب ورقة على الباب لا أسمح بالزيارة في الصباح من أجل أن أنام .
الجدة : بهكذا تطرد الناس ، ولن يحبك الناس .
سامي : إذا أكتب لهم تعالوا بعد ما أفيق فأنا أحبكم .
الأم : سيقولون أنك بخيل .
سامي : إذا لن أضع ورقة وسأنام بجانب الباب حتى أسمع أي طرق ولو كان خفيف فلا يقولون عني بخيل .
عندها سمعوا صوت رقيق لطفلة من الداخل يقول : من . ومدت بها قليلا .
الأب : أبو سامي .
الطفلة : لحظه ، سأفتح الباب .
الأم : هند ، افتحي الباب يا ابنتي .
الطفلة : حاضر خالتي .
ثم سمعوا أصوات المزلاج وانفتح الباب ، فبدت طفلة في عمرها الثامن شديدة الجمال ، قالت أم سامي : ما شاء الله عرفتك ياهند من صوتك .
وما هي إلا خطوات حتى دلفوا جميعا للدار قالت أم سامي وهي تقبل الطفلة : متى جئتم من الرياض ؟
أجابت : بالأمس .
أم سامي : الحمدلله على السلامة ثم التفتت نحو العجوز قائلة : أمي أما عرفتها ، إنها هند ابنة أخ أبو صابر الذي يسكن في الرياض .
الجدة : ما شاء الله على جمالها وانحنت تقبلها .
وهكذا وجد سامي بدل صابر فتاة تدعى هند أكبر منه بثلاث أعوام لكنها بدت جميلة بثوبها الزهري القصير المنتفخ من الأسفل وبدت كأنها دمية بتلك الجوارب الرقيقة الطويلة وخفيها الورديين .
ولجن النسوة للدار تسبقهم هند وظل هو ووالده ينتظران من يخرج إليهم فجأة جاء رجل متوسط القامة قمحي اللون ذو شاربان كثيفان وكان يرتدي ثوب نوم مقلم وعلى رقبته منشفة فلما رآه أبو سامي قال : أبو صابر ، كيف حالك .. حينها عرف سامي أن الرجل أبو صابر ولم يكن قد رآه من قبل .. قال أبو صابر مرحبا : أهلا ومرحبا ، يا مرحبا أبو سامي .. ثم تقدم وتعانقا ثم التفت إلى سامي انحنى إليه وقبله وبدا أنه يخفي دمعة رآها سامي تبرق داخل عينيه .
أبو سامي : سلامة صابر .
أبو صابر : الحمدلله ، كله مقدر ومكتوب .
أبو سامي : ونعم بالله . وانهالت الدمعة المحبوسة في عيني أبو صابر فسقطت وخبئ وجهه تحت المنشفة المتدلية على صدره فاحتضنه أبو سامي قائلا : أذكر الله يا رجل ، أنت رجل مؤمن .
أبو صابر منتحبا : ونعم بالله .
ولجوا لغرفة الضيوف وكان سامي يتبعهم وكان يتقدمهم أبو صابر الذي مازال يعاني من نوبة بكاء خفيفة فكان أبو سامي يخفف عنه ويذكره بالله وأن المرض والشفاء بأمر الله .
أبو صابر : نسأل الله اللطف .
أبو سامي : كفارة يا رجل .
قال أبو صابر : أي ذنب فعله صبي في السابعة لم يكتب القلم عليه بعد .
أبو سامي : يا رجل لا تقل ذلك ، لعل له فيه خير .
أبو صابر : اللهم لا اعتراض .
أبو سامي : نعم أحسنت قل اللهم لا اعتراض .
دخلت عليهم هند في بهائها الذي رآه في الخارج وبدت أنها أخف ظلا من ذي قبل لنفس سامي تقدمت نحو أبو صابر انحنت إليه وهمست له في أذنه .
أبو صابر مكفكفا آخر دمعة سقطت : حاضر ، حاضر ، ثم قام مغادرا الغرفة .
أبو سامي : هند أين أبوك ؟
هند : عاد للرياض لديه عمل .
أبو سامي : وكيف حاله .
هند : من أبي ؟ ، بخير ، ثم أردفت مخاطبة سامي : إذا أنت سامي الذي يسأل عنك صابر .
سامي : هل سأل عني .
هند : نعم ، سأل عنك كثيرا وحدثني عنك كثيرا .
سامي : ماذا قال لك ؟
اقتربت حيث يجلس سامي وجلست بجانبه تأرجح رجليها وقالت بصوت لا يخلو من الدلال : صابر ابن عمي وهو كأخي ولا يخفي عني شيء واستدركت يقول عنك أنك مثل أخوه ، وسكتت برهة ثم قالت ويقول أنه يحبك .
سامي : وأنا أيضا أحبه وهو أخي .
هند : هل تدرس ؟
هز سامي رأسه بالنفي .
هند : أمازلت صغيرا ؟
سامي : عمري خمسة .
هند : ظننتك أكبر من ذلك .
سامي : وأنت أتدرسين ؟
هند : سأنهي الصف الثاني نهاية هذا العام .
سامي : أين صابر ؟
هند : وضعوه في غرفة في الدور الثاني مع خادمة لا تسمح برؤيته والاقتراب منه .
سامي : لو رأيت هذه الخادمة سوف أضربها .
هنا تدخل أبو سامي قائلا : تأدب يا بني مع الذين هم أكبر منك .
سامي : لكنها تحبسه يا أبي .
أبو سامي : هي لا تحبسه ، لكنها ترعاه لأنه لا يستطيع إطعام نفسه أو قضاء حاجته .
سامي : لكنها شريرة .
أبو سامي : كيف عرفت أيها المتحاذق .
سامي : لا تسمح لأحد بأن يراه ، أو ليست شريرة أبي ؟
أبو سامي : بل تسمح برؤيته إن لم يكن هناك ما يمنع .
هند : لكن ياعم هي لم تسمح لي في الصباح برؤيته .
أبو سامي : لعله كان نائما .
سامي : أبي أريد رؤيته ؟
أبو سامي : سنذهب سويا انتظر عمك أبو صابر يأتي فيأخذنا لرؤيته .
هند تخاطب سامي : هل تلعب معي .
سامي : نعم ولكن ماذا سنلعب .
هند : هناك أرجوحة في الفناء الخلفي ، أتحب الأرجوحة .
سامي مخاطبا أباه : أبي سأذهب مع هند نلعب بالأرجوحة .
أبو سامي : لا تصعدوا لصابر إلا معنا ، أفهمتم ؟
هند : نعم عمي .
وجرت هند خارج الغرفة وكانت تجري متمايلة برأسها يمنة ويسرة فتتمايل ضفيرتها يمنة ويسرة وبدت غاية في المرح لوجود سامي الذي يتبعها بجريته المعتادة النشطة القصيرة الخطوات .





  رد مع اقتباس